ظل كبري النيل الأزرق الرابط بين الخرطوم والخرطوم بحري والذي يسمى لدى الجمهور بكبري الحديد، في الخدمة الدائمة لمدة مائة وثلاثة عشر عاما منذ إنشائه بواسطة الإستعمار الإنجليزي عام 1910 بهدف تمرير القطار فقط باشراف مباشر من هيئة السكة حديد ثم تحول هذا الإشراف إلى مديرية الخرطوم وقتها ثم إلى الولاية الاسم الجديد حيث أضافت إليه فيما بعد خدمة عبور المركبات وخضع لعمليات صيانة وتوسعة عدة مرات في ازمنة مختلفة آخرها تحويل ممر المشاة إلى عبور للمركبات الخفيفة قبل حوالي عام..
ولكن لكل شيء عمر افتراضي بما فيه هذا الكبري العتيق الذي وصل إلى مراحل متقدمة من الشيخوخة التي تتطلب إجراءات وقاية عاجلة لتجنيبه من إحداث كارثة محتملة لا قدر الله في الأرواح والممتلكات والاقتصاد الوطني.
بدون عنوان الإلكترونية وقع بين أيديها وثيقة هامة وخطيرة تنذر بما لا يحمد عقباه في حال عدم صيانة عاجلة للجزء السفلي للكبري الذي وهو الجزء الأخطر والأهم الذي يحمل الكبرى ويشكل دعامة الصمام والأمان من عواقب سقوطه لاقدر الله.
فقد قامت الجهات الهندسية المختصة في ولاية الخرطوم قبل حوالي عامين بفحص هذا الكبري وشمل ذلك المنشآت التحتية والعلوية حيث توصلت إلى قرار يفضي بضرورة صيانة هذه المنشآت صيانة عاجلة وحددت في قراراتها بأن هذا الكبري إذا لم تتم صيانته صيانة سريعة سوف يتعرض للسقوط في أية لحظة حيث أن الدعامات التي تحمل الكبري داخل الماء قد بدأت في التآكل ولعلكم لا حظتم اضطراب الكبري يمنة ويسرى عند مرور القطار في وجود اكتظاظ مروري داخل مسارات الكبري الأمر الذي أدى إلى وقف افتتاح الجزء الغربي الحديث الذي تم تشييده في ممر المشاة.
وبناء عليه تم اسناد الصيانة للشركة الصينية خورنجيان قبل سبعة أعوام ووقعت العقد في سبتمبر 2016 واعطيت مقدم العقد في 2017 وهي شركة لها خبرات متراكمة في العمل في السودان منذ حوالي عشرين عاما حيث سبق لها القيام بصيانة كبري النيل الأبيض امدرمان الخرطوم وكبري بري وإنشاء جسر المنشية ونفق السلام روتانا وعفراء وجسر الفتيحاب.
قامت الشركة بالعمل الفني الاستشاري اللازم ورفعت تقريرها لوزارة المالية بولاية الخرطوم متضمنا ضرورة أن يتم العمل معا في الجزءين العلوي والسفلي لإنقاذ هذا الكبري العتيق..
إلا أن الوزارة أصرت على تنفيذ العمل في الجزء العلوي فقط وتأجيل العمل في الجزء السفلي وهو الأخطر والأهم حيث حذرت الشركة الصينية من أن تنفيذ الجزء العلوي دون السفلي سيؤدي لزيادة وزن الكبرى وزيادة الأحمال على الجزء السفلي مما سيؤدي في النهاية لتعريض الكبري لخطر الانهيار الذي سيؤدي الى خسائر بشرية واقتصادية.
ومنذ ذاك الوقت والشركة الصينية تلهث وراء وزارة المالية بولاية الخرطوم بضرورة تنفيذ صيانة الجزء السفلي ولسداد مبلغ ثلاثة مليون دولار هي قيمة المعدات الخاصة بصيانة الجزء السفلي حتى أصبح هذا المبلغ اليوم متناقصا بسبب التضخم ومشاكل الاقتصاد السوداني واوصت الشركة في حالة عدم توفر المبلغ لدى وزارة المالية بولاية الخرطوم قفل الجسر فورا لتجنب حدوث كارثة لا تحمد عقباها..
